لوحة القربان
في عام 1778 نصب مديرو شركة الهند الشرقية البريطانية لوحة زيتية جديدة باهظة الثمن في مقر الشركة في لندن و على الرغم من النقد المقدم للوحة الا ان المدراء لم يكن يهمهم الرأي الفني للنقاد بقدر ما تحمله اللوحة من معاني و اللوحة من عمل الرسام سبيرديون روما وضعت هذه اللوحة في سقف غرفة لجنة عائدات الشركة التي كانت تراقب فيها أرباح الشركة لتعطي انطباعًا لمن يراها بالسيادة و السيطرة التي وصلت لها الشركة .
في اللوحة علاقة بين ثلاث نساء كل واحده منهن تمثل بلدها ، و المشهد ساحل آسيوي و بريطانيا الجميلة تجلس على صخرة ناظره للأسفل حيث الهند الراكعة على ركبتيها تقدم تاج محاط بالياقوت و اللآلئ و هي مطأطأة رأسها ، و إلى جانبها الصين راكعة مثلها تمامًا تنظر الى الأسفل ذليلة منكسرة في خضوع تام تقدم جزيتها الخاصة من الخزف و الشاي ، و من بستان من أشجار النخيل في يمين اللوحة تأتي قافلة من العمال يحملون الأقمشة بجانب فيل و جمل كناية عن الهند و العرب ، جميعهم يوجههم غربًا عطارد الحازم اله التجارة الكلاسيكي و يجلس الأسد البريطاني عند قدمي بريطانيا مثلما يرقد أبوها التايمز الكبير و بعيدًا في أخر اللوحة سفينة للشركة تبحر بأعلامها المخططة بالأحمر جالبه خيرات العالم .
شركة الهند الشرقية البريطانية هي من أول الشركات العابرة للقارات و التي استطاعت ان تغير مجرى التجارة العالمي فقد كان المسار أن تذهب البضائع من الشرق الى الغرب حيث لم تكن الدول الأوروبية تملك شيء يذكر بالنسبة لخيرات أفريقيا و الهند و الصين و شرق آسيا الا أن هذه الشركة الخبيثة استطاعت أن تقلب الموازين و تساهم في الاستعمار الإنجليزي للعالم حيث كانت المسيطرة على التجارة العالمية في القرن الثامن عشر بعد ان استطاعت التغلب على العملاق القديم للتجارة في القرن السابع عشر شركة الهند الشرقية الهولندية .
تأسست الشركة في عام 1600م و استمرت حتى عام 1857 الذي شهد انهيار الشركة حتى انتهت تمامًا في عام 1874م و مرت في مراحل كثيرة لتدون تاريخ العالم التجاري في تلك الفترة و بالاخص تاريخ الدول التي استعمرتها مثل الهند و الخليج العربي فأرشيف الشركة يعد مرجع رئيسي لكل باحث في هذه المناطق .
الحديث عن شركة الهند البريطانية و الهولندية سيكون طويل و لكنه مهم لفهم مراحل الانتقال التي تمر فيها الأمم سأتوقف عند محطات في هذا التاريخ أرى انها مهمة و لابد أن تظهر فالشركة على الرغم من اثرها الواضح في المنطقة الا ان الحديث عنها قليل و تكاد لا تعرف في الأوساط العامة .
علم الشركة في عام 1810 م