للقهوة في الادب العربي تاريخ حافل سنمضي مع مفردة القهوة عبر الادب و التاريخ منذ ان كانت خمرًا الى ان أصبحت رمزًا للأصالة و الكرم . كان العرب يطلقون اسم القهوة على الخمر و ذلك على حسب القول الأرجح لأنها تقهي شاربها عن الاكل أي تجعله لا يشتهيه حتى بدأ شراب نبتة البن يعرف عند العرب وذلك في القرن ( 9 ) الهجري (15 م ) في اليمن عند مشايخ الصوفية و لا أدري ما السبب الذي جعلهم يختارون له اسم ( القهوة ) على الرغم من معرفتهم بأن الخمر تسمى بذلك حتى و ان قال القائل انها تقهي شاربها عن النوم فهذا لا يعتبر سبب وجيه للتسمية ، و لعل هذا ما جعل بنت اليمن السمراء تعاني في البداية من الصراع بين التحليل و التحريم ، ذلك الصراع الذي انتج لنا ادب حول القهوة . ستكون رحلتنا مع القهوة ما بين ابيات أدبية و قصة تاريخيه اما ان تكون متعلقة في الابيات او في الشاعر و سأشرح بعض المفردات التي أرى انها ضرورية لإيصال المعنى
المرقش الصغير ( جاهلي )
وما قَهْوَةٌ صَهْباءُ كالمِسْكِ ريحُها
تُعَلَّى على النَّاجُودِ طَوْراً وتُقْدَحُ
ثَوَتْ في سِباءِ الدَّنِّ عِشْرِينَ حِجَّةً
يُطانُ عليها قَرْمَدٌ وتَرَوَّحُ
سَباها رِجالٌ من يَهُودَ تَباعَدُوا
لِجِيلانَ يُدْنيها من السُّوقِ مُرْبِحُ
بأَطْيَبَ مِنْ فيها إذا جئْتَ طارِقاً
منَ اللَّيْلِ بَلْ فُوها أَلَذُّ وأَنْصَحُ
وهو ربيعة بن سفيان ، شاعر جاهلي، من أهل نجد. كان أجمل الناس وجهاً ومن أحسنهم شعراً. وهو ابن أخي المرقش الأكبر، وعم طرفة بن العبد. و هذه الابيات من قصيدته الحائية التي تعد من المجمهرات . و يقال إنه عشق فاطمة بنت المنذر فبلغ من وجده بها أن قطع إبهامه بأسنانه، وقال:
ألم تر أن المرء يجذم كفه ويجشم من لوم الصديق المجاشما
الصهباء : الصَفرة التي تضرب إلى الحمرة وبياض و ايضًا لونُ حُمْرةٍ في شعر الرأْس واللحية، إِذا كان في الظاهر حُمْرةٌ، وفي الباطن اسودادٌ، وكذلك في لون الإِبل و هو ايضًا يعد اسم للخمر التي عصرت من عنب ابيض
الناجود اناء تصفى فيه الخمر ،و الدن برميل ضخم للخمر، سباها أي اشتراها ليشربها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبو نواس (199هـ - 813 م )
يا خاطبَ القهوةِ الصهباءِ يمهرها
بالرِّطل يأخذ منها مِـلْـئَـه ذهبا
يا قهوةً حرِّمتْ إلا على رجلٍ
أثرى، فأتلف فيها المالَ والنَّـشَـبا
أبو نواس رمز الخلاعة و المجون عند العرب اسرف في شبابه و كسر جميع القواعد المتعارف عليها في عصره الا انه مرض بعد ان تقدم في العمرو تاب و كتب قصائد لم تأخذ نصيبها من الشهرة و حتى ان اشتهرت لم تشتهر على انها لابي نواس و منها :
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
أدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلّا الرَّجا وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبو تمام (231هـ - 845 م )
وَقَهوَةٍ كَوكَبُها يَزهَرُ
يَسطَعُ مِنها المِسكُ وَالعَنبَرُ
وَردِيَّةٌ يَحتَثُّها شادِنٌ
كَأَنَّها مِن خَدِّهِ تُعصَرُ
أبو تمام يقال انه اول من علم العرب المقطوعات وذلك في ديوان الحماسة وقد كان العرب يذكرون القصيدة كاملة غثها و سمينها الى ان جاء هذا العبقري و اختار افضل الابيات في بعض القصائد ليتبعه من اتى بعده . و قد كان يقارن بينه هو و المتنبي و كان مجددا في المعاني حتى انه كان يلاقي المعارضة من شعراء عصره
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماني الموسوس ( 859 م – 245هـ )
وغيثٍ دَرورِ المُقلتينِ كأنّما ... مَدامعُهُ فوقَ الثَّرى لؤلؤ أَثْرى
شربْتُ عليهِ قهوةً بابليّةً ... هيَ الخمرُ أو عُودٌ تُناولُهُ جَمْراً
وهو من الشعراء المنسيين الذين كاد يمحى ذكرهم من الأدب القديم لولا بعض الأخبار القليلة التي وردت في الأغاني، وماني هو لقبه. والموسوسين من الشعراء هم من يتشبهون بما ليس فيهم استظرافا وتظرفا أو تعبيرا عن موقف أو طلبا للرزق
يقول أبو العباس بن عمار قال كان ماني يألفني وكان مليح الإنشاد حلوه رقيق الشعر غزله فكان ينشدني الشيء ثم يخالط فيقطعه وكان يوماً جالساً إلى جنبي فأنشدني للعريان البصري:
ما أنصفْتك العُيونُ لم تَكِفِ
وقد رأيتَ الحبيبَ لم يَقفِ
قال فسألته أن يمليها علي ففعل ثم قال: اكتب، فعارضه أبو الحسن المصري يعني ماني نفسه فقال:
أقفرَ مَغْنى الديار بالنَّجَفِ
وحُلْت عما عهدتُ من لَطَفِ
قال فبينا هو ينشد إذ نظر إلى إمام المسجد الذي كنا بإزائه قد صعد المئذنة ليؤذن فأمسك عن الإنشاد ونظر إليه وكان شيخاً ضعيف الجسم والصوت فأذن أذاناً ضعيفاً بصوت مرتعش فصعد إليه ماني مسرعاً حتى صار معه في رأس الصومعة ثم أخذ بلحيته فصفعه في صلعته صفعة ظننت أنه قد قلع رأسه وجاء لها صوت منكر شديد ثم قال له: إذا صعدت المنارة لتؤذن فعطعط ولا تمطمط، ثم نزل ومضى يعدو على وجهه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن المعتز ( 296هـ - 909 م )
يا خليليَّ اسقياني قهوةً ذاتَ حُميّا
إنْ تكنْ رُشداً فرُشداً أوْ تكنْ غَيّاً فغيّا
قد تولى الليلُ عنا وطواهُ الشرقُ طَيّا
وكأنَّ الصبحَ لمّا لاحَ منْ تحتِ الثُّريّا
مَلِكٌ أقبلَ في التاجِ يُفَدّى ويُحيّا
ولد عام (247 هـ، 861م)، في بغداد، أديبا وشاعرا ويسمى خليفة يوم وليلة ، آلت الخلافة العباسية إليه، ولقب بالمرتضى بالله، ولم يلبث يوما واحدا حتى هجم عليه غلمان المقتدر بالله وقتلوه. و يقال انه مؤسس علم البديع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبو بكر الخالدي (380هـ -990م)
هتف الصبح بالدجى فاسقنيها
قهوة تترك الحليم سفيها
لستَ تدري لرقّة وصفاء
هي في كأسها أم الكأس فيها
اشتهر هو وأخوه سعيد بالخالديين وكانا من خواص سيف الدولة بن حمدان، وكانا يشتركان في نظم الأبيات أو القصيدة، فتنتسب إليهما معاً، ذكر ابن النديم في (الفهرست): أن أبا بكر قال له: وقد تعجب ابن النديم من كثرة حفظه: إني أحفظ ألف سفر، كل سفر في نحو مائة ورقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسين بن احمد بن جعفر بن الحجاج النيلي (391هـ - 1001 م )
قوما اسقياني قهوة رومية
من عهد قيصر دنُّها لم يمسسِ
صِرفًا تضيف إذا تسلط حكمها
موت العقول إلى حياة الأنفس
و ابن الحجاج شيعي الا ان التشيع في ذلك الوقت لا يشبه التشيع في وقتنا الحاضر كان يميل في شعره الى المجون و الخلاعة و هذا لا يقتضي بالضرورة انه يفعل كل ما يقول فالشعراء مبرؤون من فعل ما يقولون ،و كان حس الفكاهة في شعره أيضا كثير ، توفي في بلدة النيل في العراق التي بنيت على نهر امر بحفره الحجاج بن يوسف يخرج من نهر الفرات و اسماه النيل و كانت عليه قرى كثيرة . دفن عند قبر موسى بن جعفر و كان قد أوصى ان يدفن عند رجليه و ان يكتب على قبره ( و كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن حمديس ( 527هـ - 1133م)
قهوَةً لو سُقِيَتْها صخرةٌ
أورقتْ باللّهو منها والطّرب
يجذبُ الرّوح إليه روحُها
ألطف الشيئين عندي ما انجذب
وُلِدَتْ بالشّيبِ في عنقودها
وهيَ اليومَ عجوزٌ لم تشب
كلَّما مَوّجَها المزنُ أَرَتْ
حَبَبَ الفضّةِ في ماءِ الذهب
ولد بن حمديس في سرقوسة بصقلية أثناء حكم المسلمين لها، وشارك في بعض معارك المسلمين في إيطاليا في شبابه. وبعد سقوط إمارة صقلية ( 1091 م )غادر الى الاندلس . له ديوان منه مخطوطة موجودة في الفاتيكان كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي ، و كانت وفات ابن حمديس في ميورقة – ميوركا –
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد اللطيف بن أبي كثير (950 هـ -1543م )
قهوة البن مرهم الحزن وشفا الأنفس
فهي تكسو شقائق الحسن من لها يحتسي
شاذلي المحا لها أمس قطب الزمان
و هذه الأبيات جزء من موشح و الموشحات عرفت بالأندلس كنوع من التجديد بالشعر و ان كان اشتهار الغناء و الترف الاندلسي من أسباب استحداث الموشحات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبدالمعطي بن حسن باكثير ( 989هـ -1581م )
أهلا بصافي قهوة كالإثمد جليت فزانت بالخمار الأسود
لما أديرت في كؤوس لجينها بيمين ساق كالقضيب الأملد
يحكي بياض إنائها وسوادها طرفآ كحيلآ لا بكحل المرود
الاثمد من اجود أنواع الكحل – المرود ما يكتحل به . زرقاء اليمامة و التي تضرب العرب فيها المثل لحدة النظر كانت تبصر الشعرة البيضاء في اللبن و تبصر الماشي على مسيرة يوم و يقال ثلاثة أيام و يروى أنه في إحدى الحروب استتر العدو بفروع الأشجار وحملوها أمامهم، فرأت زرقاء اليمامة ذلك وقالت لقومها انها ترى شجرًا يتحرك فاتهموها بالجنون و لم يصدقوها، فلما وصل الأعداء إلى قومها أبادوهم وهدموا بنيانهم، وقلعوا عيني زرقاء اليمامة فوجدوها محشوة بالأثمد و زرقاء اليمامة من قبيلة جديس العربية التي سكنت نجد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مامية الرومي (988هـ - 1588 م)
أنا المحبوبة السمرا
وأجلى بالفناجين
وعُود الهند لي عطر
وذكري شاع في الصين
"فنجان" أصلها بن+ كان أي وعاء للبُـنّ. وأما عود الهند فالمقصود هو الهال، وشيوع الذكر في الصين بسبب الفناجين الصينية التي كانت القهوة تتجلى فيها عند شرب القهوة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إبراهيم بن المبلط (991هـ - 1583 م )
أرى قهوة البن في عصرنا على شربها الناس قد اجمعوا
و صارت لشرابها عادة فليست تضر و لا تنفع ُ
كان انتشار القهوة في القرن العاشر الهجري و قد أحدثت جدلا فقهيًا و سياسيًا واسع حتى ان بعض المفتين قال ان شاربها يبعث يوم القيامة و وجهه اسود كقيعان اوانيها ، اما محبيها من الصوفية فبعد ان لزمتهم و اصبحوا يعرفون بها ابتدعوا احاديث على طريقتهم فيقال ان احدهم ممن يرى الرسول صلى الله عليه و سلم حظرة طلب من الرسول حديث يحدث الناس عنه فاخبره ان ريح القهوة ما تزال في فم شاربها تستغفر له الملائكة . و قد استقر الحال في نهاية القرن كما توضح الابيات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمر بن سقاف (1707 م )
قد أقبلت وسوادها يتوقد ومن العجائب أن يضئ الاسود
فإذا دعيت لها فبادر مسرعا مالم تكن في مجلس لا يحمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبدالغني النابلسي (1143هـ - 1731م)
رب سوداء في الكؤوس تبدت تهب الروح نفحة من حياة
فاذا ذقتها تحققت منها ان ماء الحياة في الظلمات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسعود سماحة (1365هـ - 1946 م)
وقد وجه القصيدة للشاعر اليا أبو ماضي
أدرها قهوة كعصير بكر تجلت في الكؤوس بكف بكرِ
كأن المسك يغلي حين تغلي ويجري في الأواني حين تجري
تعيد إلى الضعيف قوىً وتهدي إليهِ غبطة وصفاء فكر
تعشّقها الشعوب فكل شعبٍ أعد لها الثغور وكل قطر
تلوّح حَبها في كل كوخٍ ولاح حبابها في كل قصرِ
يضوع عبيرها برمال نجدٍ ويعبق عطرها بقصور مصرِ
تمشّى عنبرا في كل أنف وتنزل قرقفا في كل ثغر
ويزري طعمها حلوا ومرا بما في الأرض من حلوٍ ومرِّ
وسمراءٍ إذا زارت صباحا أحبُّ إليّ من بِيضٍ وسمرِ
يحوك لها البخار رداء ندٍّ ويكسوها الحباب وشاح درِّ
كسرت الدنَّ من عهد بعيد فأمست بعد خمر الدنّ خمري
فإن حلّت قواك جيوش ضعفٍ وهالَك عبءُ همٍّ مسيطرِّ
عليك بقهوة رقّت وراقت كشعرِك لا يجارى , أو كشعري
رد اليا أبو ماضي ( 1377هـ - 1957 م)
شربناها على سر القوافي وسر الشاعر السمح الأبر
سقانا قهوتين " بغير منٍّ" عصير شجيرة وعصير فكر
فنحن اثنان سكرانٌ لحينٍ على أمنٍ وسكرانٌ لدهر
فمن أمسى يهيم ببنت قصر فإنا هائمون ببنت قفر
إذا حضرت فذلك يوم سعد وإن غابت فذلك يوم قهر
لها من ذاتها سترٌ رقيقٌ كما صبغ الحياءُ جبين بكر
إذا دارت على الجلّاس هشوا كأن كؤوسها أخبار نصر
ونرشفها فترشف ريق خَوْدٍ وننشقها فتنشق ريح عطر
ولا تخشى من الحكام حدا وعند الله لم نوصم بوزر
فما في شربها إثم ونكر وشرب الخمر نكر أيُّ نكر
وليست تستخف أخا وقار وبنت الدنّ بالأحلام تزري
وتحفظ سر صاحبها مصونا وبنت الكرْم تفضح كل سر
وللصهباء أوقات , وهذي شراب الناس في حر وقرّ
وتصلح أن يطاف بها مساءً وتَحسنُ أن تكون شراب ظهر
فلو عرفتْ مزاياها الغواني لعُلّق حَبها في كل نحر
كأن حبوبها خضرا وصفرا فصوص زمرد وشذور تبر
كأن الجن قد نفثت رؤاها على اوراقها في ضوء فجر
ألست ترى إليها كيف تطغى وكيف تثور إن مُسّتْ بجمر؟
كأن نخيل مصرٍ قد حساها وإلا ما اهتزاز نخيل مصر؟
جلوتُ بها من الأكدار ذهني كما أني غسلت هموم صدري
وماهي قهوة تطهى وتحسى ولكن نفحة من روح حر
حوى في شعره عبث ابن هاني وزاد عليه فلسفة المعري
فيا لك شاعرا لبقا لعوبا كأن يراعه أنبوب سحر
يفيض سلاسة في كل لفظ ويجري رقة في كل سطر
حوت دار "السمير" هديتيه وتحوي هذه الأوراق شكري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نزار قباني ( 1419هـ - 1998 م )
هي من فنجانها شاربة وأنا أشرب من أجفانها
قصة العينين تستعبدني من رأى الأنجم في طوفانها
كلما حدقت فيها ضحكت وتعرى الثلج في أسنانها
شاركيني قهوة الصبح ولا تدفني نفسك في أشجانها