التاريخ يعيد نفسه ،،،،،
يذكر الرحالة الانجليزي ريتشارد بيرتون في زيارته لمصر و الحجاز في عام 1853 قصة رحلته على ظهر السفينة التي انطلقت من السويس متوجهة للحج و يذكر بيرتون اوصاف لبعض المصريين و المغاربة كما يراها هو - لان الوصف و بكل تأكيد شعور قبل ان يكون نظر - و قد ابدع بيرتون في وصف الطبيعة و المناظر الخلابة في هذه الرحلة الا انني استوقفني حادث ذكره بيرتون حيث يقول ان سفينتهم توقفت و من جهل قائد السفينة الذي لم يكن ملم بالقيادة على حسب قول بيرتون توقف في منطقة قليلة المياة فحينما انحسر البحر ظلت سفينتهم على الرمل تجمع المسافرون و شمروا عن اياديهم و اخذوا يدفعون السفينة بكل قوة الا ان محاولاتهم لم تكلل بالنجاح و حينما و جدوا ان القوة لم تنفع لجأوا للطريقة الأفضل و بدأ كل واحد من المسافرين يتوسل لوليه الصالح عله ان يحرك السفينة و لكن محاولاتهم ايضًا لم تنجح حينها صرخ قائد السفينة قائلًا لقد عرفت لماذا لم نستطع تحريك السفينة اننا لم نقرأ سورة الفاتحة قبل الدفع فتجمع المسافرون مرة اخرى و دفعوا بعد قراءة الفاتحة الا ان السفينة لم تتحرك اجهد الناس و بلغ منهم التعب مبلغه كل هذا و بيرتون يراقب من بعيد حتى رأى المد بدأ يرتفع فقال لهم الان سأدعوا وليي ليحرك السفينة فاذا ناديت عليه ادفعوا معيي و نادى يا عبدالقاهر الجيلاني يا .... , فدفع الناس معه و تحركت السفينه و اصبح المسافرين ينظرون له بعين الاجلال حتى انه يقول انه اصبح شيخهم لمدة يومين بعدها .
سيبدو الامر ان هؤلاء المسافرين سذج و ان الأمر واضح ، الكل يعرف المد و الجزر حتى اطفالنا الصغار ، لا يصلح مقارنة المعرفة بين زمنين فكل زمان له افقه المعرفي و تلك الفترة من التاريخ كان الجهل منتشر في المنطقة العربية ، و الصوفية متغلغلة في المجتمع ، و انا لا اريد تقييم عقلية و فهم من على ظهر السفينة بل عقلية القارئ فتوقف معي لنراجع عنوان المقال التاريخ يعيد نفسه ، فهل تعتقد ان التاريخ سيعاد علينا بنفس هذه الحادثة ، ان كنت تعتقد ان القصة ستعاد كما هي فقد اخطأت ، ان التاريخ يعيد نفسه و لكنه يغير اللغة و السياق الذي يكرر نفسه فيه فجهل اصحاب السفينة في المد و الجزر يشابه لجهلنا في كثير من الأمور الحالية لواقعنا المعاصر و تبجيل اصحاب السفينة لبيرتون قد نكون فعلناه مع اشخاص كثر .
من السهل قراءة التاريخ بعد مروره و من الصعب ادراك المرحلة التاريخية التي نعيش فيها ، في اي زاوية سيضعنا التاريخ و في اي سياق سيذكرنا .