البانيان هم تجار هنود ( هندوس ) في اغلبهم ارتحلوا من الهند الى الخليج العربي قديمًا( انتشارهم في القرن السابع عشر تقريبًا ) و كانوا يبحثون عن الثراء فسيطروا بشكل تام على بعض المناطق ، اسهم في وجودهم في المنطقة الشركات التي كانت طريقة الاستعمار في ذلك الوقت حيث انها كانت مسيطرة على الهند مما جعلها تعتمد على الهنود في الأمور التجارية في دول الخليج .
اسهم الانتشار العالمي للقهوة في رواج التجارة اليمنية و لأن وسيلة النقل الأولى في تلك الفترة السفن أدى هذا الى عمارة و ازدهار المدن الساحلية و على رأسها مدينة ( المخا ) التي تعتبر الشريان الناقل للقهوة في العالم . سيطر البانيان الهنود على الصرافة و كانوا يقدمون تسهيلات أفضل من اليمنيين للمتاجر الأجنبي بحكم علاقتهم مع الانجليز و الهولنديين و سيطروا و احتكروا بعض النشاطات التجارية ( الأقمشة ، التوابل ، العطور ..) شكا اليمنيون خطر تزايدهم واحتكارهم الاعمال فدفع الإمام المتوكل إسماعيل الى اصدار قانون البيع والشراء 1655ميلادي
في كتاب ( دي لاروك ) للرحلة الفرنسية التي كانت في عام 1709 بهدف شراء كميات كبيرة من القهوة يذكر بعض المعلومات عن البانيان فيقول " هم الذين تتم بواسطتهم اعمال التجارة في بلاد العرب و تجد من بينهم تجار في غاية الثراء و كثيرًا من وزاني الذهب و الفضة و أناس في شتى أنواع المهن و لا ينكر انهم من امهر المحاسبين في العالم، الا ان عليك ان تبقى حذرًا معهم لأنهم سرعان ما يغدرون ببراعة عجيبة ، و حسب اعتباري الشخصي يبدو ان التجارة مع هؤلاء الناس قد أفسد العرب الذين هم بفطرتهم سليمو النوايا و أوفياء و يعتبرون ذلك من الخصال التي يجب التباهي بها ".
التاريخ يعيد نفسه
ان هذه المقولة صحيحة الا ان البعض يظن ان التاريخ سيعيد الحدث تمامًا كما هو ، ان التاريخ يعيد نفسه و لكن الصياغة تختلف فكل زمان و مكان له لسانه دع عنك القهوة و ضع مكانها الاقتصاد ان أي دولة لا تدير اقتصادها ستتعرض للسرقات و النصب التي من شأنها ان تؤثر على الجانب الاقتصادي للشعب ، و لست بحاجة الى إعطاء القارئ امثلة من واقعنا الاقتصادي فسوق الاقمشة و العطارة تكفي ليعرف ان التاريخ يعيد نفسه .
السلوك مكتسب
لعلك قرأت ما قاله الفرنسي عن تأثر العرب بالتعامل مع البانيان و السلوكيات المكتسبة من ذلك لا بأس من اسقاط ذلك على واقعنا لندرك حجم السلوكيات الخاطئة التي اكتسبناها من التعامل مع الأجنبي لعل أقلها و ان كان من أكثرها تأثير هو الكسل الذي اكتسبناه ، لسنا بحاجة للذهاب بعيدًا في التاريخ فبعض من عاش فترة النشاط التي نعتقد انها بعيدة مازال حي يرزق ، و لكن الكسل سلوك اكتسبناه فمن نعم الله علينا ان وفر لنا خدمات تصل الينا دون حركة حتى تثاقلت خطانا و أصبحت الحركة التي كانت تعتبر أقل خسائر الشخص تعد الآن انفس مدخراته فلا داعي للتبذير فيها مادام الشخص قادر على صرف المال .