المتتبع لتاريخ القهوة سيجد خلال الرحلة الخير الكثير فهذه السمراء تناثرت حبوبها بين كتب الدين و تاريخ السلاطين و أيام الرحالة و مغامرات المستشرقين و سجلات المتاجرين . خمس قرون مضت منذ ظهور شراب القهوة تنقلت فيه القهوة بين البلاد و الأديان فبعد ان ولدت زاهدة عابدة هاهي تخرج في القرن الواحد والعشرين علمانية ، اختلفت ألوانها و طرق تحضيرها تكاثرت و تنوعت و أصبحت سريعة مواكبة لعصرها .
سنورد كلام للعياشي صاحب كتاب الرحلة العياشية ( ماء الموائد ) المتوفي ( 1090 هـ / 1679م) و آخر لـ ( نيبور ) في رحلته التي كانت بين (1761-1767) و أترك للقارئ الذهاب بفكرة حيث يشاء .
يقول العياشي بعد ان رأى حب أهل الحجاز للقهوة " هي من نعم الله على أهل الحجاز ، لأنهم ضعفاء فقراء في الغالب ، و الناس يقدمون عليهم من الآفاق و لا بد من قرى يقدم اليهم ، وهم لا قدرة لهم على التكلف ، لذا أصبحت القهوة و تقديمها للضيوف من العادات الضرورية ، لأنها قليلة المؤنة ، و قد ارتضاها أغنياؤهم و فقراؤهم و رؤساؤهم و مرؤوسوهم في صيانة لوجه الفقراء عند ورود أحدهم عليهم ، فأصبحت من العادات المستحبة عند أهل الحجاز "
بعد أن رأى كارستن نيبور عادة العرب في تقديم القهوة بفناجين صغيرة و يسكبون القليل الذي يكفي لرشفة واحدة يقول معقباً " الإنسان العربي قنوع بالأشياء الصغيرة ، و العرب يعيشون حياتهم كما يشربون القهوة قانعين برشفة منها بين الفينة و الأخرى "