التفكير التصميمي

 



بداية مادمت تبحث عن التفكير التصميمي فأنت حتمًا تبحث عن الابداع و الابتكار و عليك هنا ان تعلم ان الابتكار رحلة طويلة تحتاج منك الجهد و الصبر و لا تعتقد ان اي منهجية او استراتيجية تطبقها ستوصلك للابتكار بل ان الذي سيوصلك هو نتيجة تجاربك في التطبيق و حصيلة جهدك الذي تبذلة .

التفكير التصميمي وضع بالاساس للعمل التجاري الا ان المنهجية طبقت في العمل التنموي و الخيري و سياق الحديث هنا عن التفكير التصميمي سيكون من زاويته التنموية و ليست التجارية

مفهوم التفكير التصميمي

لا تنزعج من كثرة التعاريف التي ستجدها للتفكير التصميمي فهذه واحده من أكثر المشاكل ازعاجًا في العلوم الانسانية لدارسيها الا انني حقيقة ارى انه ينبغي ان تتغير المفاهيم فمن حق كل امه ان تسقط التعاريف على موروثها الثقافي و حالها المعاصر فما العلوم الانسانية الا نتاج فلسفي في غالبها .

من أفضل التعاريف التي وجدتها لمفهوم التفكير التصميمي انه ( منهجية تفكير تتمحور حول الانسان تهدف لتحديد الاحتياجات و ايجاد الحلول المبتكرة ) 

و من هذا التعريف نجد انه منهجية و ليس طريقة بمعنى انه ترتيب للافكار و ليس خطوات مصمتة تتبعها ، يتمحور حول الانسان فهو الهدف الرئيسي للعملية برمتها ، و من التعريف تتضح الغاية للتفكير التصميمي و هي اكتشاف الاحتياج و ايجاد الحلول المبتكرة .
قبل الدخول الى مراحل التفكير التصميمي يجب التأكيد على انه لا يتم الا من خلال العمل الجماعي و بناء الفريق يحتاج الى تمازج و تنوع في الخبرات و المعارف و لعل الحديث عن هذا يكون في مقام أخر ان شاء الله .

مراحل التفكير التصميمي

لابد ان تعلم ان المراحل و ان كانت متسلسلة الا انه عند التطبيق تكون العملية تكرارية بمعنى انه يمكنك الرجوع لاي مرحلة في كل مرة.

1- التعاطف 

التفكير التصميمي يعتبر طريقة ابتكارية لحل المشكلات و القاعدة الرئيسية للابتكار هي المعرفة ، و التي تعتبر نتاج لمعالجة سليمة للمعلومات ، لذلك في هذه المرحلة نحن نحاول الحصول على اكبر قدر من المعلومات ، و تذكر ان التفكير التصميمي يتمحور حول الانسان لذلك سيكون الانسان هو المنطلق لهذه المرحلة .
للحصول على افضل النتائج بداية لابد ان نأطر القضية او المشكلة التي نريد حلها و يجب مراعاة ان لا نجعلها فضفاضة بحيث لا نستطيع جمع اطراف القضية او ان نجعلها ضيقة فتحجم الابداع ، و لا يمنع الرجوع مرة اخرى لمرحلة التأطير حتى لو بدأت العمل فمن الجيد المراجعة و التأكد . 
بعد ان حددنا القضية التي نريد ان نمارس التفكير التصميمي فيها نسجل ما نعرفه عن القضية و من هم أطرافها لننتقل بعد ذلك الى العمل الميداني الذي نحاول فيه الخروج من دائرة معارفنا و الانتقال الى دائرة الناس و هنا تتعدد الطرق المستخدمة لعل من ابرزها 
1- المقابلة الشخصية او الجماعية و هنا لابد ان نراعي ثقافة الناس و ان لا يحضر اكثر من 3 اشخاص من فريق العمل و الاستئذان عند التصوير، ايضًا لابد ان نحدد قبل النزول ماهي الاسئلة التي سوف نطرحها مع مراعاة ضوابط الاسئلة و يجب ان لا نبدأ بالاسئلة حتى لا نحول المقابلة الى جلسة تحقيق مع التأكد من مقابلة الاطراف المعنية في المشكلة و عدم الاكتفاء بطرف واحد
2- خريطة التعاطف و فيها نركز على الانسان و نحاول كتابة ما نرصده من حوله و يجب التذكير بان نحاول قدر الامكان ان تكون ملاحظاتنا التي نسجلها مجردة من تفسيراتنا و ارائنا 

لابد ان لا ننسنا ان الهدف الحقيقي هنا هو محاولة التعرف على المشكلة او القضية من مختلف وجهات النظر و جمع اكبر قدر من المعلومات الخام التي يمكن ان ننتج منها معرفة جديدة ، فلا يجب ان نأخذ الطريقة المستخدمة لذاتها بل نبحث عن أكثر الطرق جدوى .

2- التعريف و التحديد

في هذه المرحلة يجمع الفريق البيانات التي تحصل عليها و هنا تأتي احد أهم ركائز التفكير التصميمي و هي تسجيل البيانات الخام على ورق و تصنيفها وعرضها حتى يتسنى للجميع رؤيتها ليسهل استخراج المعرفة منها و ربطها مع بعضها البعض فعرض جميع البيانات بحيث يستطيع اعضاء الفريق تفحصها بنظرة واحده يسمح لهم بفهم أعمق للمشكلة و توليد افكار ايضًا

و في هذه المرحلة جل اهتمامنا هو معرفة و تحديد المشكلة الحقيقية و البحث عن جذورها لتقديم الحلول الابداعية ، و بكل تأكيد يمكننا الرجوع لهذه المرحلة في اي وقت شعرنا ان المشكلة لم تحدد بشكل صحيح . و يفضل تكوين سؤال على صيغة ( كيف يمكننا أن ....... ؟ ) ليتم البحث عن الحلول في المرحلة التالية

3- توليد الأفكار

في هذه المرحلة افضل طريقة متبعه هي العصف الذهني و هناك قواعد و اسس له لابد من اتباعها بدءاً من الجو العام و البيئة التي يدار بها العصف الذهني فلا ينبغي ان تأخذ طابع الرسمية و التقيد كما ان اضفاء جو من المرح يسمح بتدفق افكار ابداعية 
من قواعد العصف الذهني 
1- لا تقيم : من أخطر الأمور التي تمنع تدفق الأفكار هو تقييمها و الحكم عليها فاذا حكمنا على فكرة شخص بالفشل حتمًا سيتوقف عن تقديم الأفكار و التقييم و الحكم ليس بالضرورة ان يكون بالكلام فقد يكون الضحك او الايماء اشارة لمقدم الفكرة تمنعة من تقديم افكار أخرى
2- الكم يولد الكيف : اذا اردت الحصول على فكرة جيدة عليك ان تجمع اكثر قدر من الأفكار ، هذا هو المبدأ المتبع هنا و يجب ملاحظة ان أول الأفكار تمتاز بالطلاقة و المرونة الا ان الأصالة تفقد فيها لأن العقل في الغالب سيتجة لخبراته السابقة و معارفة فان أغلب الأفكار الأولى هي في العادة تذكر و ليست ابتكار ، و هنا تفشل أكثر الفرق في عملية العصف الذهني ، يقال  ( المبدع هو من يصل الى الأفكار البعيدة )
3- البناء على الأفكار : و هنا تتضح اهمية تسجيل و عرض جميع ما يكتب فمن فكرة موجودة على الحائط يستطيع كل شخص ان يجعلها منطلق لفكرة جديدة 
4- حرية التفكير : لا ينبغي ان نأطر الابداع و نحجمة و علينا ان نتحرر من كل القيود في العصف الذهني

بعد ان نحدد الافكار و نصنفها نبدأ في مرحلة التقييم لاختيار أكثر الأفكار ابتكارية و هنا لدينا أربع محددات 
1- الاحتياج : فنسأل ما حجم الاحتياج الذي ستغطيه هذه الفكرة     2- القيمة المضافة : ما الجديد و ما الميزة في هذه الفكرة   
3- امكانية التنفيذ : استنادًا الى واقعنا و امكانياتنا                       4- الاستدامة : و هي من المحددات المختصة في العملية التنموية فالفكرة القابلة للتطور و الاستدامة عي التي نبحث عنها 

4- النموذج الأولي

 مرحلة التعاطف تعد مرحلة ذهنية تعتمد على العقل فنحن نحاول ان نفهم القضية ثم نأتي في مرحلة التحديد محاولين انزال ما فهمناه من الراس الى الكراس كما يقال في العامية و نحن الان نريد تحويل ما على الورق الى واقع ملموس وهذا التسلسل في الانتقال ينبغي ان يكون نمط في الحياة فالأفكار غالبًا ما تقتل لعدم محاولة انزالها على الورق ، صناعة النموذج الأولي تساعدنا كثيرًا فمنه سننطلق الى تعديل و تقييم الحل الى ان نصل الى حل ممتاز .

5- الاختبار

في هذه المرحلة نحاول تجربة ما توصلنا له على عينة و تقييم ردود الأفعال حتى نعيد و نطور في الحل و بعد التجربة يجب ان يجتمع الفريق ليقرر اين كان القصور هلى هو في نوع الحل او في تحديد المشكلة من الأساس مثلًا و من ثم الرجوع و تكرار العملية الى ان نصل الى الحل الجيد للقضية .

من يتبنا منهجية التفكير التصميمي من وجهة نظري سيستفيد الكثير في حياته فما هو في حقيقته الا فلسفة حياتية و انا على المستوى الشخصي استفدت منه الكثير فجعل الأفكار ملموسة جعلني ارى التشوهات و القصور في الفكرة و مسألة النموذج الأولي جعلتني ابدأ مباشرة في التطبيق و ثم التطوير على هذا النموذج و ايقنت ان ( العلم نوعان محمول و معمول ) و لا قيمة الا للمعمول منه .
google-playkhamsatmostaqltradent